القرآن يريد أن يلتقط صورة من هذه الواقعة، وينقلها إلينا، ويعطينا بذلك درساً عظيماً: (درس الروح القيادية) فعندما أصيب المسلمون بهزيمة نفسية على أثر خسارتهم للجولة الأولى في معركة أحد، وعندما سمعوا بأن النبي قتل، يعني عندما شعروا بافتقاد القائد في ساحة المعركة، فإن هذا يعني أن القضية انتهت، وكأن الناس ليست عليهم مسؤولية مواصلة المسيرة.
إن كل واحد من المسلمين يتحمل جزء من المسؤولية، فالمسؤولية لا تنحصر في شخص واحد هو القائد مثلاً، أو في طبقة معينة هم العلماء، أو في جماعة معينة، أو في حركة واحدة، بل الكل يشتركون في تحمل القضية، وفي تحمل المسؤولية.
أما إذا فقدت الأمة الروح القيادية، وبدأ كل واحد يلقي بالمسؤولية على الآخرين، هذا يلقي باللوم على ذلك، وذاك يلقي اللوم على هذا، هذه الحالة اللا مسؤولية في الأمة تصيب الأمة بنكسة.
ففي الظروف الطبيعية قد لا تكون مشكلة، لكن في ظروف المواجهة والأزمات، وعندما تتعرض الأمة لنكسة أو لأزمة، حينئذ يجب أن يتحلى كل إنسان بروح المسؤولية...
وليس في الهزيمة كالغزال، أي في الوقت الذي تحتاج الأمة إلى أن تتماسك، وتتكاتف، وتتكاتف حول قيادتها، نرى الأمة تتخاذل، وتتفرق، وتترك قيادتها وحيدة في الساحة، تعصف بها الأزمات والنكسات، حينئذ تقع المأساة، وتحرق بنارها الأخضر واليابس.
(اتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً).