الزهد بين كلمتين من القرآن
روي عن الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه في تفسير هذه الآية المباركة أنّه قال: «الزهد كلّه بين كلمتين من القرآن. قال الله سبحانه: ﴿لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَافَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ ومَن لم يأسَ على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه»
فليس الزهد أن تمتنع عن الطعام والشراب أو التملك أو النكاح، بل حقيقة الزهد أن لا تأسى ولا تحزن على ما فاتك من ثروات وقدرات مهما كان نوعها، ولا تفرح بما أوتيت مثل ذلك.
وهذه منزلة لا يبلغها المرء بسهولة بل لابدّ له أوّلاً من تمرين متواصل وترويض مستمرّ باستحضار المعنى الذي تحمله الآية المباركة دائماً في مختلف القضايا والأحداث، حتى تصبح الحالة ملكة عنده. ولا شكّ أنّ الآية لا تعني عدم التأثّر مطلقا، فإنّ الإنسان بطبعه يحزن إذا فقد أيّ شيء، كما يفرح إذا أوتي خيراً سواء أكان مادياً أم معنوياً. إنما تنهى الآية عن الحالة التي تكشف عن عبودية النفس لتلك الأشياء، وتدعو الإنسان لتحرير نفسه من هذا الرق. التغيير ممكن .