ما لي أرى حب الدّنيا قد غلب على كثير من الناس، حتى كأن الموت في هذه الدنيا على غيرهم كتب، وكأن الحق في هذه الدنيا على غيرهم وجب، وحتى كأن ما يسمعون من خبر الأموات قبلهم عندهم كسبيل قوم في سفر عما قليل إليهم راجعون تبوّئونهم أجداثهم وتأكلون تراثهم وأنتم مخلدون بعدهم، هيهات هيهات أما يتعظ آخرهم بأولهم، لقد جهلوا ونسوا كل موعظة في كتاب الله وأمنوا شرّ كل عاقبة سوء ولم يخافوا نزول فادحة ولا بوائق كل حادثة.
طوبى لمن شغله خوف الله عن خوف الناس.
طوبى لمن طاب كسبه وصلحت سريرته وحسنت علانيته واستقامت خليقته.
طوبى لمن أنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله.
طوبى لمن تواضع لله عز ذكره وزهد فيما أحل له من غير رغبة عن سنتي ورفض زهرة الدنيا من غير تحول عن سنتي واتبع الأخيار من عترتي من بعدي وخالط أهل الفقه والحكمة ورحم أهل المسكنة.
طوبى لمن اكتسب من المؤمنين مالاً من غير معصية وأنفقه في غير معصية وعاد به على أهل المسكنة وجانب أهل الخيلاء والتفاخر والرغبة في الدنيا المبتدعين خلاف سنتي العاملين بغير سيرتي.
طوبى لمن حسن مع الناس خلقه وبذل لهم معونته وعدل عنهم شره.