سبق وإن كتبنا الى الشعب العراقي بأن كتلة التوافق والحزب الإسلامي العراقي تحديدا يعملان على ترسيخ الإحتلال، والتجارة والمضاربة بأصوات العرب السنة،و لمآرب ومكاسب شخصية بحته، ولقد أكدنا وقبل أن تخوض كتلة التوافق الإنتخابات العراقية التي قررها ونفذها وفرز أصواتها الإحتلال، بأن كتلة التوافق من صنع وتركيب وترتيب السفير الأميركي في بغداد خليل زاده ، فقد كنّا من الكتاب الأوائل الذين كشفوا تلك اللعبة في حينها ،فالسفير زاده هو الذي رتبها وصنعها ودعمها ووزع مقاعدها في الحكومة العراقية وبمساعدة طارق الهاشمي الذي لا يجوز شرعا أن يكون على رأس الحزب الإسلامي إن كان بالفعل حزبا إسلاميا، كون هذا الرجل خان الأمانة الوظيفية عندما كان مدرسا في كلية الأركان العراقية، فقد قام بتسريب وبيع الأسئلة الأمتحانية الى ضابطين مقربين منه ومن بعض القيادات في الحزب الإسلامي، وكشفت القضية وتم إبعاد طارق الهاشمي من الوظيفة، لذا فالرجل غير أمين، ومن هنا جاءت مواقفه غيرالأمينة، وهل ينسى الشعب العراقي والطائفة السنية (لاءات الهاشمي) ضد الدستور، وحال ما حصل اللقاء مع السفير الأميركي وإذا بالهاشمي يعلن ومن مؤتمر صحفي ( نعم للدستور ..نعم للإنتخابات)، فالرجل تعامل مع المحتل ومنذ اليوم الأول عندما وضعه حاجب الرئيس بوش في العراق والحاكم المدني السابق في العراق ــ بول بريمر ــ رئيسا لأركان الجيش العراقي الذي أسسه المحتل بعد حل الجيش العراقي الأصلي، فلو كان ضابطا شهما لرفض تلك المهمة ثأرا لحل الجيش العراقي الباسل والذي هو سور الوطن وحامي الدولة والشعب، ولكنه باعه مثلما باع الأسئلة في كلية الأركان العسكرية ، وبعدها أصبح رئيسا للمجلس البلدي في الأعظمية، حتى جاءت فرصة لقاءه بعدنان الدليمي صاحب العبارة الشهيرة ــ فخامة الأستاذ الرئيس القائد مام جلال ــ والذي ليس عنده غير سلام الزوبعي، فتمت الصفقة مع السفارة الأميركية ،وبيعت أصوات الناس ــ السنة العرب ــ وكرّموا بصفقات تجارية ومواقع قيادية وأمور كثيرة سنتحدث عنها بالمستقبل.
فالذي يعتقد بأن التوافق والهاشمي والزوبعي والدليمي يدافعون عن لعبة الأقاليم،وعن لعبة البرزاني مع العلم العراقي فهو واهم، فهؤلاء كالمنشار صاعد يأكل ونازل يأكل، فهم يأخذون من جميع الأطراف ،حيث مواقفهم في بورصة معروفة وهي متوفرة لمن يدفع، وإن أغلب السياسين العراقيين في الداخل والخارج يعرفون هذه القضية، فهؤلاء جاءوا كي يكسبوا وبأسرع وقت ممكن ،ولم يكن مجيئهم من أجل العمل الوطني أو حتى المناطقي ،علما أنهم جميعا كانوا في حالة ممتازة في زمن النظام العراقي السابق، وكان قسما كبيرا منهم من البعثيين المستفيدين من النظام والدولة، لهذا فمواقف هؤلاء الناس لا تخدم العروبة ولا العراق ولا حتى الطائفة السنيّة، بل زادوا في تعقيد القضية العراقية ،وأدخلوا الملف العراقي في متاهات جديدة ومعقدة، وأنهم على علاقات ترتيبية عالية المستوى مع جماعة الحكيم وإيران من جهة، وكذلك مع جماعات الأكراد من جهة أخرى، فها أنتم تشاهدون رئيس البرلمان محمود المشهداني يعجّل بقضية الأقاليم بل يقمع من يريد الإعتراض عليها في البرلمان ،ومن ثم أي عاصمة يزورها يتكلم على هواها، ففي إيران قال كلاما لصالح الإيرانيين، وفي سوريا قال كلاما لصالح السوريين،وفي عمان هكذا، وفي جميع البلدان التي زارها ،فهو يعتقدها سياسة وفذلكة، ولكنها نفاقا سياسيا فهو يتصرف وكأنه زعيم حزب أو حركة، ولم ينتبه أنه يمثل برلمان عراقي، وهو رئيسه فلابد أن يكون كلامه غير ذلك ،ويكون منطقة غير ذلك، لهذا فالرجل غير بريء بالمطلق.
فالذي يعتبر إن تأجيل قضية الأقاليم إنجازا فهو لا يدري كيف تدور الأمور في دهاليز المنطقة الخضراء والسفارة الأميركية في بغداد، فإن إستعجال التوافق ومن معهم على القبول بتأجيل مسألة الأقاليم هي ليست خدمة وطنية، بل كارثة وطنية وشعبية، حيث هناك معلومات مؤكدة ومن مصادر قريبة جدا من هذه المداولات إن هناك إتفاقا تم بين الكبار ــ الإخوة الأعداء ــ الإئتلاف الموالي لإيران والتحالف الكردي وكتلة التوافق، وإن التوافق يلعب لعبة خطرة في هذا الميدان إذ سيدخل العراق في تقسيمات إدارية معقدة جدا طيلة ما تبقى من العام والعام المقبل الذي تأجلت فيه مسألة الأقاليم، أي ستكون هناك توزيعات داخل المحافظات والأقضية وحتى النواحي، وجاء بعد أن فشلت خططهم بفرض ( فيدرالية بغداد) أي بتكوين الكرخ السني والرصافة الشيعية أو بالعكس ، لهذ فهم باشروا بتطبيق الأرض المحروقة في داخل الأحياء البغدادية وخصوصا التي يكون فيها السكن مشترك بين السنة والشيعة ، والهدف هو فرض أمر واقع يكون أكثر تعقيدا من خطة الأقاليم ، ولهذا سيتم إنشاء كتل جديدة من رحم كتلة التوافق ــ تشكيلات ــ وحتى من داخل كتلة الدكتور صالح المطلق ــ ستنشق كتلته ــ والهدف من أجل الحصول على عدد من هذه التقسيمات الإدارية التي ستدشن قريبا ،ومن هنا جاء الإقتراح الإنجليزي وبدعم من كنيسة ( كاتدرائية كانتر بري البريطانية) بإستحداث المحافظة 19 وتكون من حصة المسيحيين ويكون مكانها سهل نينوى ومدينة القوش، بحيث إن هذه التقسيمات الإدارية ستجعل الشعب العراقي والمواطن العراقي يتوسل اليهم بأن يعودوا الى صيغة الأقاليم حيث هي الأسلم من وجهة نظره، و هكذا سيدخل العراق في مأزق جديد ومعقد وهو التقسيمات الإدارية من أجل الحصول على أفضل المصالح، و سيبدا موسم إنقسامات الأحزاب والحركات وخصوصا السنيّة ومنها الحوار والتوافق وغيرها.
من هنا تصرخ الحناجر العاقلة في العراق ومن تنظيمات مهمة وهي تقول ( إن الدول العربية مقصّرة وتتفرج على العراق، وعلى المشاريع الخطيرة والتي لن تفلت منها الدول العربية المجاورة للعراق)، لهذافأن الأصوات العاقلة تعتقد بأن أي تشكيل أنقاذي لا ينجح بسهولة لأن بعض اللافتات المعارضة والمناهضة للإحتلال وهمية، لأن هناك أطرافا تلتقي الحكومة العراقية وتؤكد بأنها فاعلة ومؤثرة في ساحة المقاومة وتتبين أنها لا شيء، بحيث أصبح كل أنسان قادر أن يدعي أنه يمثل مجموعة، فالحكومة لا تقدر أثبات العكس، مع العلم أنه لا يمثل شيء، والواقع انهم كلهم لا يمثلون شيء أي الذين تحاوروا مع الحكومة ومع الأميركان.
فمن هذا المنطلق يجب على الشرفاء من العراقيين تنظيم صفوفهم في الخارج والداخل لإيقاف عمليات التقسيم المعقدة، والتي تريد تقسيم العراق ومدنه وقصباته الى كانتونات طائفية وحزبية مستقبلها مظلم لا يقود إلا نحو مزيد من التناحر والتطاحن.
كاتب عراقي
30/9/2006