سيد شاكر الحسني
المساهمات : 3 تاريخ التسجيل : 22/03/2008
| موضوع: ايمان ابوا طالب القسم الاول الأحد مارس 23, 2008 12:38 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم مقدمةالحمد لله الخالق الواهب والصلاة والسلام على محمد الذي بالحق يطالب وعلى آله الأتقياء الأطهار أنوار الكواكب وعلى وصيه أمير المؤمنين أسد الله الغالب ثم السلام على عمه وناصره بالحق أبي طالب وأعوذ بالله من شر كل من قال بكفره من النواصب وبعد...ألفت نظر القارئ الكريم إلى أهمية التطرق لسيرة ومقام هذا الرجل العظيم خصوصاً بعد العلم بأنّه عم أعظم الخلق وأب لوصيه صلّى الله عليه وآله ولهذا الأخير نلتمس ما خطته أقلام بعض الكتّاب حول أبي طالب فلأنّه أب لأمير المؤمنين علي عليه السلام تعرض رضي الله عنه للتشويه والحط من مكانته، حيث أن أعداء الإمام عليه السلام بذلوا كل وسعهم لسب الإمام واتهامه وتشويه منزلته ومقامه الذي تجلّى نوره في أحاديث الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم واتبعوا لذلك طرقاً شتى ومن هذه الطرق أنّهم يحاولون الطعن في أبيه وفي شخصه العظيم خصوصاً وأنّهم لن يجدوا للطعن في نسبه من سبيل، وذلك لأنّ الطعن في نسب الأمير عليه السلام هو طعن في نسب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فلم يبق لهم بعد ذلك إلاّ القول بأنّه مات ولم يكن له من الإيمان من نصيب، حتى أنّهم قالوا بأنّ الرسول صلّى الله عليه وآله سلّم حاول أن يهديه ويقنعه بالإسلام إلاّ أنّ أبا طالب رفض ذلك ومات على الجاهلية!!، لكن نظرة واحدة نحو أشعار وسيرة ومواقف ذلك الزعيم الضرغام تكفي لإثبات أنّ ما اتهم به رضي الله عنه لم يكن إلا جزءاً من مؤامرة تستهدف أمير المؤمنين عليه السلام فهي بذلك تستهدف أهم رجل بعد الرسول وبالتالي فهم يستهدفون بسهامهم المسمومة أساس الدين القيـم بأسره، لأنّهم بإبعاد النـاس عن أمير المؤمنين عليه السلام سوف يحققون مطامعهم وخططهم المدمرة للإسلام والمسلمين.إلاّ أنّ ما قالوه في أبي طالب ما هو إلا كالغبار ما إن تنفخ عليه حتى يتجلّى لك ذلك النور كما ستلاحظ ذلك في هذه السطور.عشرة وجوه في إيمان أبي طالب :لقد نظرت في الكتب التي تحدثت عن إيمان أبي طالب فوجدت أنها تثبت إيمانه بطرق شتى؛ إلاّ أنّ الغالب فيها هو إثبات إيمانه عن طريق الأشعار التي أنشدها وكأنّه رضي الله عنه قد تعمد إنشاء تلك الأبيات التي تقارع المعلقات لكي يصفع بها بشجاعته المعهودة التي ورثها من أبيه وجه كل ناصبي أو غير ناصبي تجرأ وقال بكفره، فنجده تارة يقر ويصرح بالوحدانية وأخرى بالنبوة وفي أبيات أخرى يحث ابنه جعفر على الإيمان بالنبي، بل فيها ما يصرح منها بأنّه مؤمن بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لكن السؤال المتبادر هنا هو هل توجد طرق لإثبات إيمان أبي طالب غير الأشعار التي أنشدها؟والجواب: أنّ إيمان أبي طالب واضح وجلي جـداً، وهو رضي الله عنه أظهر إيمانه وإسلامه في عدة مواضع؛ إما بالعمل أو بالقول، بل لا يخلو حدث ينقل إلينا لأبي طالب إلاّ وفيه موقف مشرف نفهم منه مدى ارتباطه بابن أخيه صلّى الله عليه وآله وسلّم وبرسالته، وإليك بعض من هذه الطرق والمواقف التي نفهم منها إسلامه وإيمانه:أولاً: الأسرة والبيت الذي تربى فيه، حيث أنّه تربى في بيت قائم على دين إبراهيم الخليل، ورب ذلك البيت بيت زعيم من زعماء قريش إنّه عبد المطلب فعبد المطلب كما ينقل الخنيزي عن السيرة الحلبية وينابيع المودة وبعض المصادر فيقول: رأى (أبو طالب) في أبيه عبد المطلب ذلك الزعيم المطاع والرجل والمهيوب يقول فينفذ القول فيحكم فلا يرد الحكم وهو الجواد المعطاء والسخي الفذ يطعم فينال من الطعام راكب البعير وهو على ظهر بعيره ويرفع من مائدته على قمم الجبال لتنال من طعامه طيور الفضاء ووحوش الصحاري حتى لقب بالفياض وأنّه ليراه مجاب الدعوة، يدعو الله فتلبى دعوته، فهو مرضي عنه في السماء ومحمود في الأرض فدعي (شيبة الحمد).. إلى أن قال فإنّه ليحرم الخمر على نفسه ويحرم نكاح المحارم ويحدد الطواف بالبيت سبع مرات بعد أن كان غير محدود وينهى أن يطوف عابر بالبيت، ويقطع يد السارق ويحرم الزنا وينهى عن الموؤدة وأن يُستقسم بالأزلام وأن يؤكل ما ذبح على النصب ويسن الوفاء بالنذر... وهو إلى كل هذا يرفض أن يخفض الهام ليسجد لصنم فيعبد حجرة صماء أو خشبة بالية.. وهو ذو الفعل الرجيح والذكاء الوقّاد. انتهى.اضافة إلى ذلك نجد أنّ منزل عبد المطلب من أبرز المنازل المتبعة للحنيفية هو وبعض المنازل فقط كما يذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرحه، ومن هنا لا يكون من الغريب بمكان أن يخرج أبو طالب ويتربى على الإيمان كما هو حال أسرته وآبائه الأمجاد، فيؤمن بالنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم كما أمره أبوه عبد المطلب قبل موته.ثانياً: مواقف الرسول من أبي طالب:وهي كثيرة أذكر منها واحدا من الأحداث المتفق عليها وهو ما نقله شمس الدين عن أبي الفضل شاذان بن جبرائيل رحمه الله بإسناده إلى الشيخ أبي الفتح الكراجكي يرفعه قال: أصابت قريش أزمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة ، وكان أبو طالب رضي الله عنه ذا مال يسير وعيال كثير فأصابه ما أصاب قريشاً من العدم والإضافة والجهد، والفاقة، فعند ذلك دعا رسول الله عمّه العباس فقال له: يا أبا الفضل إنّ أخاك كثير العيال مختل الحال، ضعيف النهضة والعزيمة وقد نزل به ما نزل من هذه الأزمة، وذو الأرحام أحق بالرفد وأولى بحمل الكل في ساعة الجهد، فانطلق بنا إليه لنعينه على ما هو عليه فلنحمل عنه بعض أثقاله ونخفف عنه من عياله يأخذ كل واحد منا واحداً من بنيه ليسهل ذلك عليه بعض ما ينوء فيه، فقال العباس: نعم ما رأيت والصواب فيما أتيت، هذا والله الفضل الكريم الواصل الرحيم، فلقيا أبا طالب فصبراه ولفضل آبائه ذكراه وقالا له: إنّا نريد أن نحمل عنك بعض المال فادفع إلينا من أولادك من تخف عنك به الأثقال.فقال أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلاً وطالباً فافعلا ما شئتما، فأخذ العباس جعفراً وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم علياً فانتخبه لنفسه واصطفاه لمهم أمره وعول عليه في سره وجهره، وهو مسارع لمرضاته موفق للسداد في جميع حالاته.وهذه القضية متفق عليها كما يمكنك مراجعه سيرة ابن هشام لذلك انتهى.والآن نقول ونتساءل: هل أنّ ما قام به الرسول تجاه عمه فيه شفقه ورأفة له أم لا؟ فإن قيل بأنّه لا شفقة فيه فهذا ما لا يقبله العقل لأنّ القصة ظاهرة في ذلك، وإن قيل بأنّ موقف الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم فيه شفقة ورأفة على أبي طالب فعند ذلك نقول:لا شك بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أفضل المؤمنين، والمؤمنون لا يشفقون ولا يرأفون بغير المسلمين وهم أشداء على الكافرين كما نص على ذلك القرآن الكريم: "أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ" وقال تعالى: "أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين" فالرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما أشفق ورحم أبا طالب رحمه لأنّه مؤمن وإلاّ لم يرحمه لأنّه لو كان كافراً وأشفق عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم لكان صلى الله عليه وآله وسلّم قد خالف بذلك صفات المؤمنين وأصبح محباً للكافرين وميالاً لهم وهذا ما لا يجوز وصفه به لأن الرسول لا تأخذه في الله لومة لائم ولا تطغى عليه عاطفته تجاه أرحامه على حساب الدين و بهذا يثبت أن أبا طالب كان مؤمناً وإلا لما أشفق عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم. ثالثاً: مواقف أمير المؤمنين علي عليه السلام من أبي طالب. ذكر غير واحد ومنهم سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الأمة أن لأمير المؤمنين عليه السلام في أبيه أبي طالب (رض أبياتاً يرثيه بها وهي:
| |
|